بـلبن ليست مجرد علامة تجارية في مجال الحلويات ومنتجات الألبان، بل مثال حي على كيف يمكن لهوية تسويقية قوية وجذابة أن تصنع الفارق في سوق مزدحم بالمنافسين. ففي عالم التسويق الحديث، لم يعد تقديم منتج جيد كافيًا، بل أصبح النجاح مرتبطًا بالقدرة على كسر النمط التقليدي وتقديم محتوى مبتكر يلفت الانتباه. وبينما سعت العديد من العلامات التجارية المصرية لاعتماد أساليب جديدة في الترويج، نجحت “بـ لبن” في التميز وترك بصمة واضحة، لتصبح واحدة من أبرز القصص التي جمعت بين الجدل والانتشار الواسع في آن واحد.
تأسست “بـ لبن” كمحل متخصص في تقديم الحلويات الشرقية والغربية بلمسة عصرية. لكنها لم تعتمد فقط على جودة منتجاتها، بل استخدمت أسلوب تسويق جريء واستفزازي لاقى رواجًا واسعًا، وأثار في المقابل العديد من الانتقادات.
في هذه المقالة التحليلية، سنستعرض بالتفصيل أسلوب “بـ لبن” في التسويق، وكيف أثّر على قوة العلامة التجارية وموقعها في السوقين المصري والعربي، مع ربط ذلك بمفاهيم تسويق حديثة وتحليل سلوك المستهلك.
في ظل ازدحام السوق المصري بعشرات العلامات التجارية في مجال الحلويات والمأكولات التقليدية، أصبح من الصعب جذب انتباه الجمهور أو التميز عن المنافسين. لكن “بـ لبن” استطاعت أن تكسر هذا القالب النمطي بذكاء، من خلال تقديم تجربة تسويقية مبتكرة ومبنية على فهم عميق لسلوك الجمهور المصري، خصوصًا جيل الشباب.
لم تعتمد “بـ لبن” على الأسلوب التسويقي التقليدي القائم على عرض صور المنتج أو الاكتفاء بالإعلانات المكتوبة، بل اعتمدت على إنتاج محتوى بصري درامي وقصصي يربط المنتج بسياق يومي أو ثقافي يثير تفاعل الجمهور.
من أبرز سمات هذا الإبداع:
استخدام شخصيات تراثية مألوفة لدى المصريين، سواء كانت شخصيات حقيقية مثل مؤسس علامة شهيرة، أو رموز من الثقافة الشعبية. أحيانًا يتم تقديم هذه الشخصيات بشكل ساخر وجريء، مما يخلق حالة من الجدل، لكنه في الوقت نفسه يرسخ اسم العلامة في ذهن المتلقي.
الربط بين الماضي والحاضر من خلال لغة الخطاب. الإعلانات تستثمر في الحنين للزمن الجميل، ولكن تقدم ذلك بروح عصرية، مما يجعل الرسالة التسويقية تصل لأكثر من جيل.
الاعتماد على القصص المصوّرة القصيرة (Reels، TikTok، YouTube Shorts)، والتي تم إخراجها بأسلوب مسرحي بسيط وساخر، يدمج بين الطابع الكوميدي والرسالة التسويقية بشكل ذكي.
هذا النوع من المحتوى يُعد جزءًا من ما يسمى Story-Driven Content Marketing، والذي يحقق مستويات عالية من التفاعل والمشاركة، ويزيد من فرص الانتشار الفيروسي.
لم تركز “بـ لبن” فقط على مواصفات المنتج أو جودته، بل سعت لخلق رابط نفسي وعاطفي بين العلامة التجارية والجمهور.
تحفيز مشاعر الحنين: من خلال تصوير المشاهد والقصص المرتبطة بالطفولة، أو بأكلات كانت جزءًا من الذاكرة العائلية المصرية.
استخدام الكوميديا الساخرة: لإحداث تفاعل وجداني قوي يجعل الجمهور يشعر أن “بـ لبن” قريبة منه، بل وربما تمثله في بعض الأحيان.
تأكيد الهوية الثقافية المصرية: من خلال توظيف اللهجات، والعادات، والرموز المحلية في الرسائل التسويقية، مما يولّد شعورًا بالانتماء ويجعل المستهلك يشعر بأن المنتج “منه وله”.
هذا الأسلوب العاطفي يعتبر من أقوى أدوات التسويق العصبي (Neuromarketing)، حيث يتم ربط المشاعر بالعلامة التجارية مما يزيد من الولاء ويحفّز قرار الشراء.
“بـ لبن” أدركت أن الشباب هم الفئة الأعلى استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي والأكثر تأثرًا بالمحتوى الرقمي، ولذلك صممت استراتيجيتها بالكامل لتخاطب هذه الفئة.
اللغة المستخدمة في الإعلانات تعكس أسلوب الكلام اليومي بين الشباب، بما في ذلك الإفيهات والـ Memes المتداولة، مما يزيد من الشعور بالألفة.
تصميم المنتجات والتغليف يراعي الذوق العصري ويعتمد على ألوان وتصاميم جذابة.
نمط العرض والتصوير موجه خصيصًا للمنصات التي يفضلها الشباب مثل Instagram وTikTok، مع اعتماد على الموسيقى الرائجة والمؤثرات التي تجذب هذه الفئة.
خلق مساحات للمشاركة والتفاعل، حيث تشجع “بـ لبن” المتابعين على التعليق، وإعادة النشر، بل والمشاركة بتجاربهم الخاصة مع المنتجات، مما يخلق نوعًا من “مجتمع العلامة” أو Brand Community حولها.
وبذلك، أصبحت “بـ لبن” لا تسوّق فقط منتجًا، بل تسوّق أسلوب حياة وطريقة تعبير عن الذات، وهذا ما تبحث عنه فئة الشباب في العلامات التي ترتبط بها.
أسلوب “بـ لبن” في التسويق جعل اسمها معروفًا خلال فترة قصيرة، حتى لمن لم يجرّب منتجاتها. وهذا نجاح كبير في مجال Brand Awareness.
هذه العناصر أصبحت جزءًا من هوية “بـ لبن”، وهي من أسباب التميز مقارنة بعلامات أخرى تقليدية في نفس المجال.
اعتمدت “بـ لبن” على ما يُعرف بـ Viral Content Strategy، حيث تم تصميم المحتوى بهدف خلق جدل أو تفاعل قوي يؤدي لمشاركته بشكل واسع.
رغم النجاح الكبير في الانتشار، واجهت العلامة أزمات حقيقية:
أثار الإعلان انتقادات كثيرة بسبب استخدام اللهجة والملابس النوبية بطريقة اعتبرها البعض تنمرًا أو إساءة ثقافية. وسرعان ما اضطرت “بـ لبن” إلى حذف الإعلان والاعتذار.
في إعلان آخر، تم تجسيد شخصية مؤسس حلواني “العبد” بأسلوب ساخر. وقد واجهت الحملة هجومًا قانونيًا وأخلاقيًا من الجمهور وأبناء العائلة المؤسسة، ما أثار تساؤلات حول الحدود الأخلاقية في التسويق.
هذه الحملات جعلت العلامة دائمًا في دائرة الضوء، لكن أيضًا عرضتها لفقدان شريحة من العملاء الذين لا يفضلون “الجدل” في التسويق.
“بـ لبن” باتت واحدة من أشهر العلامات في مجال الحلويات الحديثة، خصوصًا في القاهرة والجيزة والإسكندرية.
حتى الآن، لم تحقق “بـ لبن” حضورًا فعليًا في الأسواق الخليجية أو العربية، لكنها تملك مقومات التوسع، بشرط:
نقاط القوة | نقاط الضعف |
---|---|
هوية مميزة وجريئة | الإفراط في الاعتماد على الجدل |
فهم سلوك الشباب على السوشيال ميديا | مخاطرة بخسارة شرائح محافظة |
محتوى سريع الانتشار | احتمالات الوقوع في أخطاء قانونية أو ثقافية |
تفاعل عالٍ على مواقع التواصل | غياب العمق الاستراتيجي طويل المدى |
الاختلاف مطلوب… ولكن بذكاء.
ليس كل جدل مفيد، والابتكار يجب أن يكون مدروسًا.
العلامة التجارية هي شخصية.
كل تفاعل، إعلان، تعليق، أو منشور، يعزز هذه الشخصية أو يضعفها.
استراتيجيات التسويق لا يجب أن تكون لحظية فقط.
يجب أن تكون جزءًا من خطة متكاملة لبناء علاقة طويلة الأمد مع الجمهور.
أسلوب “بـ لبن” في التسويق هو دراسة حية عن كيفية اختراق السوق من خلال الإبداع والجرأة والاعتماد على المحتوى الرقمي. ولكن النجاح الحقيقي لا يقتصر على الانتشار فقط، بل في بناء ثقة مستدامة وعلاقة طويلة الأمد مع الجمهور.
“بـ لبن” أثبتت أنها قادرة على فرض نفسها، ولكن التحدي الآن هو تحقيق التوازن بين الجاذبية والتقدير، بين الانتشار والاحترام.
Transforming businesses through innovative digital marketing strategies.
About Us
Case Studies
Careers
Contact
© 2025 Digits Marketer. All rights reserved.
WhatsApp us